فصل: فَوَائِدُ التّمْرِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: زاد المعاد في هدي خير العباد (نسخة منقحة)



.فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي مُعَالَجَةِ الْمَرْضَى بِتَرْكِ إعْطَائِهِمْ مَا يَكْرَهُونَهُ مِنْ الطّعَامِ وَالشّرَابِ وَإِنّهُمْ لَا يُكْرَهُونَ عَلَى تَنَاوُلِهِمَا:

رَوَى التّرْمِذِيّ فِي جَامِعِهِ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: «لَا تُكْرِهُوا مَرْضَاكُمْ عَلَى الطّعَامِ وَالشّرَابِ فَإِنّ اللّهَ عَزّ وَجَلّ يُطْعِمُهُمْ وَيَسْقِيهِمْ».
قَالَ بَعْضُ فُضَلَاءِ الْأَطِبّاءِ مَا أَغْزَرَ فَوَائِدَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ النّبَوِيّةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى حِكَمٍ إلَهِيّةٍ لَا سِيّمَا لِلْأَطِبّاءِ وَلِمَنْ يُعَالِجْ الْمَرْضَى وَذَلِكَ أَنّ الْمَرِيضَ إذَا عَافَ الطّعَامَ أَوْ الشّرَابَ فَذَلِكَ لِاشْتِغَالِ الطّبِيعَةِ بِمُجَاهَدَةِ الْمَرَضِ أَوْ لِسُقُوطِ شَهْوَتِهِ أَوْ نُقْصَانِهَا لِضَعْفِ الْحَرَارَةِ الْغَرِيزِيّةِ أَوْ خُمُودِهَا وَكَيْفَمَا كَانَ فَلَا يَجُوزُ حِينَئِذٍ إعْطَاءُ الْغِذَاءِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. وَاعْلَمْ أَنّ الْجُوعَ إنّا هُوَ طَلَبُ الْأَعْضَاءِ لِلْغِذَاءِ لِتَخَلّفِ الطّبِيعَةِ بِهِ عَلَيْهَا عِوَضَ مَا يَتَحَلّلُ مِنْهَا فَتَجْذِبُ الْأَعْضَاءَ الْقُصْوَى مِنْ الْأَعْضَاءِ الدّنْيَا حَتّى يَنْتَهِيَ الطّبِيعَةُ بِمَادّتِهِ وَإِنْضَاجِهَا وَإِخْرَاجِهَا عَنْ طَلَبِ الْغِذَاءِ أَوْ الشّرَابِ فَإِذَا أُكْرِهَ الْمَرِيضُ عَلَى اسْتِعْمَالِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ تَعَطّلَتْ بِهِ الطّبِيعَةُ عَنْ فِعْلِهَا وَاشْتَغَلَتْ بِهَضْمِهِ وَتَدْبِيرِهِ عَنْ إنْضَاجِ مَادّةِ الْمَرَضِ وَدَفْعِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِضَرَرِ الْمَرِيضِ وَلَا سِيّمَا فِي أَوْقَاتِ الْبُحْرَانِ أَوْ ضَعْفِ الْحَارّ الْغَرِيزِيّ أَوْ خُمُودِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ زِيَادَةً فِي الْبَلِيّةِ وَتَعْجِيلِ النّازِلَةِ الْمُتَوَقّعَةِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَالْحَالِ إلّا مَا يَحْفَظُ عَلَيْهِ قُوّتَهُ وَيُقَوّيهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِعْمَالٍ مُزْعِجٍ لِلطّبِيعَةِ أَلْبَتّةَ وَذَلِكَ يَكُونُ بِمَا لَطُفَ قِوَامُهُ مِنْ الْأَشْرِبَةِ وَالْأَغْذِيَةِ وَاعْتَدَلَ مِزَاجُهُ كَشَرَابِ اللّينُوفَرِ وَالتّفّاحِ وَالْوَرْدِ الطّرِيّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَمِنْ الْأَغْذِيَةِ مَرَقُ الْفَرَارِيجِ الْمُعْتَدِلَةِ الطّيّبَةِ فَقَطْ وَإِنْعَاشُ قُوَاهُ بِالْأَرَايِيحِ الْعَطِرَةِ الْمُوَافِقَةِ وَالْأَخْبَارِ السّارّةِ فَإِنّ الطّبِيبَ خَادِمُ الطّبِيعَةِ وَمُعِينُهَا لَا مُعِيقُهَا. وَاعْلَمْ أَنّ الدّمَ الْجَيّدَ هُوَ الْمُغَذّي لِلْبَدَنِ وَأَنّ الْبَلْغَمَ دَمٌ فَجّ قَدْ نَضِجَ بَعْضَ النّضْجِ فَإِذَا كَانَ بَعْضُ الْمَرْضَى فِي بَدَنِهِ بَلْغَمٌ كَثِيرٌ وَعَدِمَ الْغِذَاءَ عَطَفَتْ الطّبِيعَةُ عَلَيْهِ وَطَبَخَتْهُ وَأَنْضَجَتْهُ وَصَيّرَتْهُ دَمًا وَغَذّتْ بِهِ الْأَعْضَاءَ وَاكْتَفَتْ بِهِ عَمّا سِوَاهُ وَالطّبِيعَةُ هِيَ الْقُوّةُ الّتِي وَكَلَهَا اللّهُ سُبْحَانَهُ بِتَدْبِيرِ الْبَدَنِ وَحِفْظِهِ وَصِحّتِهِ وَحِرَاسَتِهِ مُدّةَ حَيَاتِهِ.

.إجْبَارُ الْمَرِيضِ عَلَى الطّعَامِ:

وَاعْلَمْ أَنّهُ قَدْ يَحْتَاجُ فِي النّدْرَةِ إلَى إجْبَارِ الْمَرِيضِ عَلَى الطّعَامِ وَالشّرَابِ وَذَلِكَ فِي الْأَمْرَاضِ الّتِي يَكُونُ مَعَهَا اخْتِلَاطُ الْعَقْلِ وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ الْحَدِيثُ مِنْ الْعَامّ الْمَخْصُوصِ أَوْ مِنْ الْمُطْلَقِ الّذِي قَدْ دَلّ عَلَى تَقْيِيدِهِ دَلِيلٌ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنّ الْمَرِيضَ قَدْ يَعِيشُ بِلَا غِذَاءٍ أَيّامًا لَا يَعِيشُ الصّحِيحُ فِي مِثْلِهَا.

.مَعْنَى فَإِنّ اللّهَ يُطْعِمُهُمْ وَيَسْقِيهِمْ:

وَفِي قَوْلِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَإِنّ اللّهَ يُطْعِمُهُمْ وَيَسْقِيهِمْ مَعْنًى لَطِيفٌ زَائِدٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْأَطِبّاءُ لَا يَعْرِفُهُ إلّا مَنْ لَهُ عِنَايَةٌ بِأَحْكَامِ الْقُلُوبِ وَالْأَرْوَاحِ وَتَأْثِيرِهَا فِي طَبِيعَةِ الْبَدَنِ وَانْفِعَالِ الطّبِيعَةِ عَنْهَا كَمَا تَنْفَعِلُ هِيَ كَثِيرًا عَنْ الطّبِيعَةِ وَنَحْنُ نُشِيرُ إلَيْهِ إشَارَةً فَنَقُولُ النّفْسُ إذَا حَصَلَ لَهَا مَا يَشْغَلُهَا مِنْ مَحْبُوبٍ أَوْ مَكْرُوهٍ أَوْ مَخُوفٍ اشْتَغَلَتْ بِهِ عَنْ طَلَبِ الْغِذَاءِ وَالشّرَابِ فَلَا تُحِسّ بِجُوعٍ وَلَا عَطَشٍ بَلْ وَلَا حَرّ وَلَا بَرْدٍ بَلْ تَشْتَغِلُ بِهِ عَنْ الْإِحْسَاسِ الْمُؤْلِمِ الشّدِيدِ الْأَلَمِ فَلَا تُحِسّ بِهِ وَمَا مِنْ أَحَدٍ إلّا وَقَدْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ ذَلِكَ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ وَإِذَا اشْتَغَلَتْ النّفْسُ بِمَا دَهَمَهَا وَوَرَدَ عَلَيْهَا لَمْ تُحِسّ بِأَلَمِ الْجُوعِ فَإِنْ كَانَ الْوَارِدُ مُفْرِحًا قَوِيّ التّفْرِيحِ قَامَ لَهَا مَقَامَ الْغِذَاءِ فَشَبِعَتْ بِهِ وَانْتَعَشَتْ قُوَاهَا وَتَضَاعَفَتْ وَجَرَتْ الدّمَوِيّةُ فِي الْجَسَدِ حَتّى تَظْهَرَ فِي سَطْحِهِ فَيُشْرِقُ وَجْهُهُ وَتَظْهَرُ دَمَوِيّتُهُ فَإِنّ الْفَرَحَ يُوجِبُ انْبِسَاطَ دَمِ الْقَلْبِ فَيَنْبَعِثُ فِي الْعُرُوقِ فَتَمْتَلِئُ بِهِ فَلَا تَطْلُبُ الْأَعْضَاءُ حَظّهَا مِنْ الْغِذَاءِ الْمُعْتَادِ لِاشْتِغَالِهَا بِمَا هُوَ أَحَبّ إلَيْهَا وَإِلَى الطّبِيعَةِ مِنْهُ وَالطّبِيعَةُ إذَا ظَفِرَتْ بِمَا تُحِبّ آثَرَتْهُ عَلَى مَا هُوَ دُونَهُ. وَإِنْ كَانَ الْوَارِدُ مُؤْلِمًا أَوْ مُحْزِنًا أَوْ مَخُوفًا اشْتَغَلَتْ بِمُحَارَبَتِهِ وَمُقَاوَمَتِهِ وَمُدَافَعَتِهِ عَنْ طَلَبِ الْغِذَاءِ فَهِيَ فِي حَالِ حَرْبِهَا فِي شَغْلٍ عَنْ طَلَبِ الطّعَامِ وَالشّرَابِ. فَإِنْ ظَفِرَتْ فِي هَذَا الْحَرْبِ انْتَعَشَتْ قُوَاهَا وَأَخْلَفَتْ عَلَيْهَا نَظِيرَ مَا فَاتَهَا مِنْ قُوّةِ الطّعَامِ وَالشّرَابِ وَإِنْ كَانَتْ مَغْلُوبَةً مَقْهُورَةً انْحَطّتْ قُوَاهَا بِحَسَبِ مَا حَصَلَ لَهَا مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ الْحَرْبُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ هَذَا الْعَدُوّ سِجَالًا فَالْقُوّةُ تَظْهَرُ تَارَةً وَتَخْتَفِي أُخْرَى وَبِالْجُمْلَةِ فَالْحَرْبُ بَيْنَهُمَا عَلَى مِثَالِ الْحَرْبِ الْخَارِجِ بَيْنَ الْعَدُوّيْنِ الْمُتَقَاتِلَيْنِ وَالنّصْرُ لِلْغَالِبِ وَالْمَغْلُوبِ إمّا قَتِيلٌ وَإِمّا جَرِيحٌ وَإِمّا أَسِيرٌ. فَالْمَرِيضُ لَهُ مَدَدٌ مِنْ اللّهِ تَعَالَى يُغَذّيهِ بِهِ زَائِدًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْأَطِبّاءُ مِنْ تَغْذِيَتِهِ بِالدّمِ وَهَذَا الْمَدَدُ بِحَسَبِ ضَعْفِهِ وَانْكِسَارِهِ وَانْطِرَاحِهِ بَيْنَ يَدَيْ رَبّهِ عَزّ وَجَلّ فَيَحْصُلُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا يُوجِبُ لَهُ قُرْبًا مِنْ رَبّهِ فَإِنّ الْعَبْدَ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ رَبّهِ إذَا انْكَسَرَ قَلْبُهُ وَرَحْمَةُ رَبّهِ عِنْدَئِذٍ قَرِيبَةٌ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ وَلِيّا لَهُ حَصَلَ لَهُ مِنْ الْأَغْذِيَةِ الْقَلْبِيّةِ مَا تَقْوَى بِهِ قُوَى طَبِيعَتِهِ وَتَنْتَعِشُ بِهِ قُوَاهُ أَعْظَمَ مِنْ قُوّتِهَا وَانْتِعَاشِهَا بِالْأَغْذِيَةِ الْبَدَنِيّةِ وَكُلّمَا قَوِيَ إيمَانُهُ وَحُبّهُ لِرَبّهِ وَأُنْسُهُ بِهِ وَفَرَحُهُ بِهِ وَقَوِيَ يَقِينُهُ بِرَبّهِ وَاشْتَدّ شَوْفُهُ إلَيْهِ وَرِضَاهُ بِهِ وَعَنْهُ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ مِنْ هَذِهِ الْقُوّةِ مَا لَا يُعَبّرُ عَنْهُ وَلَا يُدْرِكُهُ وَصْفُ طَبِيبٍ وَلَا يَنَالُهُ عِلْمُهُ. وَمَنْ غَلَظَ طَبْعُهُ وَكَثُفَتْ نَفْسُهُ عَنْ فَهْمِ هَذَا وَالتّصْدِيقِ بِهِ فَلْيَنْظُرْ حَالَ كَثِيرٍ مِنْ عُشّاقِ الصّوَرِ الّذِينَ قَدْ امْتَلَأَتْ قُلُوبُهُمْ بِحُبّ مَا يَعْشَقُونَهُ مِنْ صُورَةٍ أَوْ جَاهٍ أَوْ مَالٍ أَوْ عِلْمٍ وَقَدْ شَاهَدَ النّاسُ مِنْ هَذَا عَجَائِبَ فِي أَنْفُسِهِمْ وَفِي غَيْرِهِمْ.

.وِصَالُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الصّوْمِ:

وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصّحِيحِ: عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنّهُ كَانَ يُوَاصِلُ فِي الصّيَامِ الْأَيّامَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ وَيَنْهَى أَصْحَابَهُ عَنْ الْوِصَالِ وَيَقُولُ لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إنّي أَظَلّ يُطْعِمُنِي رَبّي وَيَسْقِينِي وَمَعْلُومٌ أَنّ هَذَا الطّعَامَ وَالشّرَابَ لَيْسَ هُوَ الطّعَامَ الّذِي يَأْكُلُهُ الْإِنْسَانُ بِفَمِهِ وَإِلّا لَمْ يَكُنْ مُوَاصِلًا وَلَمْ يَتَحَقّقْ الْفَرْقُ بَلْ لَمْ يَكُنْ صَائِمًا فَإِنّهُ قَالَ أَظَلّ يُطْعِمُنِي رَبّي وَيَسْقِينِي وَأَيْضًا فَإِنّهُ فَرّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فِي نَفْسِ الْوِصَالِ وَأَنّهُ يَقْدِرُ مِنْهُ عَلَى مَا لَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ بِفَمِهِ لَمْ يَقُلْ لَسْت كَهَيْئَتِكُمْ وَإِنّمَا فَهِمَ هَذَا مِنْ الْحَدِيثِ مَنْ قَلّ نَصِيبُهُ مِنْ غِذَاءِ الْأَرْوَاحِ وَالْقُلُوبِ وَتَأْثِيرُهُ فِي الْقُوّةِ وَإِنْعَاشِهَا وَاغْتِذَائِهَا بِهِ فَوْقَ تَأْثِيرِ الْغِذَاءِ الْجُسْمَانِيّ وَاللّهُ الْمُوَفّقُ.

.فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي عِلَاجِ الْعُذْرَةِ وَفِي الْعِلَاجِ بِالسّعُوطِ:

ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصّحِيحَيْنِ أَنّهُ قَالَ خَيْرُ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الْحِجَامَةُ وَالْقُسْطُ الْبَحْرِيّ وَلَا تُعَذّبُوا صِبْيَانَكُمْ بِالْغَمْزِ مِنْ الْعُذْرَةِ وَفِي السّنَنِ والْمُسْنَدِ عَنْهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ قَالَ دَخَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى عَائِشَةَ وَعِنْدَهَا صَبِيّ يُسِيلُ مَنْخَرَاهُ دَمًا فَقَالَ مَا هَذَا؟. فَقَالُوا: بِهِ الْعُذْرَةُ أَوْ وَجَعٌ فِي رَأْسِهِ فَقَالَ وَيْلَكُنّ لَا تَقْتُلْنَ أَوْلَادَكُنّ أَيّمَا امْرَأَةٍ أَصَابَ وَلَدَهَا عُذْرَةٌ أَوْ وَجَعٌ فِي رَأْسِهِ فَلْتَأْخُذْ قُسْطًا هِنْدِيّا فَلْتَحُكّهُ بِمَاءٍ ثُمّ تُسْعِطْهُ إيّاهُ فَأَمَرَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا فَصُنِعَ ذَلِكَ بِالصّبِيّ فَبَرَأَ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ الْعُذْرَةُ تَهَيّجٌ فِي الْحَلْقِ مِنْ الدّمِ فَإِذَا عُولِجَ مِنْهُ قِيلَ قَدْ عُذِرَ بِهِ فَهُوَ مَعْذُورٌ انْتَهَى. وَقِيلَ الْعُذْرَةُ قُرْحَةٌ تَخْرُجُ فِيمَا بَيْنَ الْأُذُنِ وَالْحَلْقِ وَتَعْرِضُ لِلصّبْيَانِ غَالِبًا.

.عِلَاجُ الْعُذْرَةِ بِسَعُوطِ الْقُسْطِ:

وَأَمّا نَفْعُ السّعُوطِ مِنْهَا بِالْقُسْطِ الْمَحْكُوكِ فَلِأَنّ الْعُذْرَةَ مَادّتُهَا دَمٌ يَغْلِبُ عَلَيْهِ الْبَلْغَمُ لَكِنّ تَوَلّدَهُ فِي أَبْدَانِ الصّبْيَانِ أَكْثَرُ وَفِي الْقُسْطِ تَجْفِيفٌ يَشُدّ اللّهَاةَ وَيَرْفَعُهَا إلَى مَكَانِهَا وَقَدْ يَكُونُ نَفْعُهُ فِي هَذَا الدّاءِ بِالْخَاصّيّةِ وَقَدْ يَنْفَعُ فِي الْأَدْوَاءِ الْحَارّةِ وَالْأَدْوِيَةِ الْحَارّةِ بِالذّاتِ تَارَةً وَبِالْعَرْضِ أُخْرَى. وَقَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ الْقَانُونِ فِي مُعَالَجَةِ سُقُوطِ اللّهَاةِ الْقُسْطَ مَعَ الشّبّ الْيَمَانِيّ وَبِزْرِ الْمَرْوِ. الْعُودُ الْهِنْدِيّ وَهُوَ الْأَبْيَضُ مِنْهُ وَهُوَ حُلْوٌ وَفِيهِ مَنَافِعُ عَدِيدَةٌ وَكَانُوا يُعَالِجُونَ أَوْلَادَهُمْ بِغَمْزِ اللّهَاةِ وَبِالْعِلَاقِ وَهُوَ شَيْءٌ يُعَلّقُونَهُ عَلَى الصّبْيَانِ فَنَهَاهُمْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَنْ ذَلِكَ وَأَرْشَدَهُمْ إلَى مَا هُوَ أَنْفَعُ لِلْأَطْفَالِ وَأَسْهَلُ عَلَيْهِمْ. وَالسّعُوطُ مَا يُصَبّ فِي الْأَنْفِ وَقَدْ يَكُونُ بِأَدْوِيَةٍ مُفْرَدَةٍ وَمُرَكّبَةٍ تُدَقّ وَتُنْخَلُ وَتُعْجَنُ وَتُجَفّفُ ثُمّ تُحَلّ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَيُسْعَطُ بِهَا فِي أَنْفِ الْإِنْسَانِ وَهُوَ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ وَبَيْنَ كَتِفَيْهِ مَا يَرْفَعُهُمَا لِتَنْخَفِضَ رَأْسُهُ فَيَتَمَكّنُ السّعُوطُ مِنْ الْوُصُولِ إلَى دِمَاغِهِ وَيَسْتَخْرِجُ مَا فِيهِ مِنْ الدّاءِ بِالْعُطَاسِ وَقَدْ مَدَحَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ التّدَاوِي بِالسّعُوطِ فِيمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِيهِ. وَذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ اسْتَعَطَ.

.فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي عِلَاجِ الْمَفْئُودِ:

رَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ عَنْ سَعْدٍ قَالَ مَرِضْت مَرَضًا فَأَتَانِي رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَعُودُنِي فَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ ثَدْيَيّ حَتّى وَجَدْت بَرْدَهَا عَلَى فُؤَادِي وَقَالَ لِي: إنّكَ رَجُلٌ مَفْئُودٌ فَأْتِ الْحَارِثَ بْنَ كَلَدَةَ مِنْ ثَقِيفٍ فَإِنّهُ رَجُلٌ يَتَطَبّبُ فَلْيَأْخُذْ سَبْعَ تَمَرَاتٍ مِنْ عَجْوَةِ الْمَدِينَةِ فَلْيَجَأْهُنّ بِنَوَاهُنّ ثُمّ لِيَلُدّكَ بِهِنّ الْمَفْئُودُ الّذِي أُصِيبَ فُؤَادُهُ فَهُوَ يَشْتَكِيهِ كَالْمَبْطُونِ الّذِي يَشْتَكِي بَطْنَهُ. أَحَدِ جَانِبَيْ الْفَمِ.

.عِلَاجُ الْمَفْئُودِ بِالتّمْرِ:

وَفِي التّمْرِ خَاصّيّةٌ عَجِيبَةٌ لِهَذَا الدّاءِ وَلَا سِيّمَا تَمْرَ الْمَدِينَةِ وَلَا سِيّمَا الْعَجْوَةَ مِنْهُ. وَفِي كَوْنِهَا سَبْعًا خَاصّيّةٌ أُخْرَى تُدْرَكُ بِالْوَحْيِ وَفِي الصّحِيحَيْنِ: مِنْ حَدِيثِ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: «مَنْ تَصَبّحَ بِسَبْعِ تَمَرَاتٍ مِنْ تَمْرِ الْعَالِيَةِ لَمْ يَضُرّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ سَمّ وَلَا سِحْرٌ» وَفِي لَفْظٍ: «مَنْ أَكَلَ سَبْعَ تَمَرَاتٍ مِمّا بَيْنَ لَابَتَيْهَا حِينَ يُصْبِحُ لَمْ يَضُرّهُ سَمّ حَتّى يُمْسِيَ».

.فَوَائِدُ التّمْرِ:

وَالتّمْرُ حَارّ فِي الثّانِيَةِ يَابِسٌ فِي الْأُولَى. وَقِيلَ رَطْبٌ فِيهَا. وَقِيلَ مُعْتَدِلٌ وَهُوَ غِذَاءٌ فَاضِلٌ حَافِظٌ لِلصّحّةِ لَا سِيّمَا لِمَنْ اعْتَادَ الْغِذَاءَ بِهِ كَأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهِمْ وَهُوَ مِنْ أَفْضَلِ الْأَغْذِيَةِ فِي الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ وَالْحَارّةِ الّتِي حَرَارَتُهَا فِي الدّرَجَةِ الثّانِيَةِ وَهُوَ لَهُمْ أَنْفَعُ مِنْهُ لِأَهْلِ الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ لِبُرُودَةِ بَوَاطِنِ سُكّانِهَا وَحَرَارَةِ بَوَاطِنِ سُكّانِ الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ وَلِذَلِكَ يُكْثِرُ أَهْلُ الْحِجَازِ وَالْيَمَنِ وَالطّائِفِ وَمَا يَلِيهِمْ مِنْ الْبِلَادِ الْمُشَابِهَةِ لَهَا مِنْ الْأَغْذِيَةِ الْحَارّةِ مَا لَا يَتَأَتّى لِغَيْرِهِمْ كَالتّمْرِ وَالْعَسَلِ وَشَاهَدْنَاهُمْ يَضَعُونَ فِي أَطْعِمَتِهِمْ مِنْ الْفُلْفُلِ وَالزّنْجَبِيلِ فَوْقَ مَا يَضَعُهُ غَيْرُهُمْ نَحْوَ عَشَرَةِ أَضْعَافٍ أَوْ أَكْثَرَ وَيَأْكُلُونَ الزّنْجَبِيلَ كَمَا يَأْكُلُ غَيْرُهُمْ الْحَلْوَى وَلَقَدْ شَاهَدْتُ مَنْ يَتَنَقّلُ بِهِ مِنْهُمْ كَمَا يَتَنَقّلُ بِالنّقْلِ وَيُوَافِقُهُمْ ذَلِكَ وَلَا يَضُرّهُمْ لِبُرُودَةِ أَجْوَافِهِمْ وَخُرُوجِ الْحَرَارَةِ إلَى ظَاهِرِ الْجَسَدِ كَمَا تُشَاهَدُ مِيَاهُ الْآبَارِ تَبْرُدُ فِي الصّيْفِ وَتَسْخَنُ فِي الشّتَاءِ وَكَذَلِكَ تُنْضِجُ الْمَعِدَةُ مِنْ الْأَغْذِيَةِ الْغَلِيظَةِ فِي الشّتَاءِ مَا لَا تُنْضِجُهُ فِي الصّيْفِ. أَهْلُ الْمَدِينَةِ فَالتّمْرُ لَهُمْ يَكَادُ أَنْ يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ الْحِنْطَةِ لِغَيْرِهِمْ وَهُوَ قُوتُهُمْ وَمَادّتُهُمْ وَتَمْرُ الْعَالِيَةِ مِنْ أَجْوَدِ أَصْنَافِ تَمْرِهِمْ فَإِنّهُ مَتِينُ الْجِسْمِ لَذِيذُ الطّعْمِ صَادِقُ الْحَلَاوَةِ وَالتّمْرُ يَدْخُلُ فِي الْأَغْذِيَةِ وَالْأَدْوِيَةِ وَالْفَاكِهَةِ وَهُوَ يُوَافِقُ أَكْثَرَ الْأَبْدَانِ مُقَوّ لِلْحَارّ الْغَرِيزِيّ وَلَا يَتَوَلّدُ عَنْهُ مِنْ الْفَضَلَاتِ الرّدِيئَةِ مَا يَتَوَلّدُ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَغْذِيَةِ وَالْفَاكِهَةِ بَلْ يَمْنَعُ لِمَنْ اعْتَادَهُ مِنْ تَعَفّنِ الْأَخْلَاطِ وَفَسَادِهَا.

.اخْتِصَاصُ الْأَدْوِيَةِ بِالْأَمْكِنَةِ:

وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ الْخِطَابِ الّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخَاصّ كَأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ جَاوَرَهُمْ وَلَا رَيْبَ أَنّ لِلْأَمْكِنَةِ اخْتِصَاصًا بِنَفْعِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَدْوِيَةِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ دُونَ غَيْرِهِ فَيَكُونُ الدّوَاءُ الّذِي قَدْ يَنْبُتُ فِي هَذَا الْمَكَانِ نَافِعًا مِنْ الدّاءِ وَلَا يُوجَدُ فِيهِ ذَلِكَ النّفْعُ إذَا نَبَتَ فِي مَكَانٍ غَيْرِهِ لِتَأْثِيرِ نَفْسِ التّرْبَةِ أَوْ الْهَوَاءِ أَوْ هُمَا جَمِيعًا فَإِنّ لِلْأَرْضِ خَوَاصّ وَطَبَائِعَ يُقَارِبُ اخْتِلَافُهَا اخْتِلَافَ طَبَائِعِ الْإِنْسَانِ وَكَثِيرٌ مِنْ النّبَاتِ يَكُونُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ غِذَاءً مَأْكُولًا وَفِي بَعْضِهَا سَمّا قَاتِلًا وَرُبّ أَدْوِيَةٍ لِقَوْمٍ أَغْذِيَةٌ لِآخَرِينَ وَأَدْوِيَةٍ لِقَوْمٍ مِنْ أَمْرَاضٍ هِيَ أَدْوِيَةٌ لِآخَرِينَ فِي أَمْرَاضٍ سِوَاهَا وَأَدْوِيَةٍ لِأَهْلِ بَلَدٍ لَا تُنَاسِبُ غَيْرَهُمْ وَلَا تَنْفَعُهُمْ.

.خَاصّيّتُهُ عَدَدَ سَبْعٍ:

وَأَمّا خَاصّيّةُ السّبْعِ فَإِنّهَا قَدْ وَقَعَتْ قَدْرًا وَشَرْعًا فَخَلَقَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ السّمَاوَاتِ سَبْعًا وَالْأَرَضِينَ سَبْعًا وَالْأَيّامَ سَبْعًا وَالْإِنْسَانُ كَمُلَ خَلْقُهُ فِي سَبْعَةِ أَطْوَارٍ وَشَرَعَ اللّهُ سُبْحَانَهُ لِعِبَادِهِ الطّوَافَ سَبْعًا وَالسّعْيَ بَيْنَ الصّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعًا وَرَمْيَ الْجِمَارِ سَبْعًا سَبْعًا وَتَكْبِيرَاتِ الْعِيدَيْنِ سَبْعًا فِي الْأُولَى. وَقَالَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مُرُوهُمْ بِالصّلَاةِ لِسَبْعٍ وَإِذَا صَارَ لِلْغُلَامِ سَبْعُ سِنِينَ خُيّرَ بَيْنَ أَبَوَيْهِ فِي أَبُوهُ أَحَقّ بِهِ مِنْ أُمّهِ وَفِي ثَالِثَةٍ أُمّهُ أَحَقّ بِهِ وَأَمَرَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي مَرَضِهِ أَنْ يُصَبّ عَلَيْهِ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ وَسَخّرَ اللّهُ الرّيحَ عَلَى قَوْمِ عَادٍ سَبْعَ لَيَالٍ وَدَعَا النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنْ يُعِينَهُ اللّهُ عَلَى قَوْمِهِ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ وَمَثّلَ اللّهُ سُبْحَانَهُ مَا يُضَاعِفُ بِهِ صَدَقَةَ الْمُتَصَدّقِ بِحَبّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبّةٍ وَالسّنَابِلُ الّتِي رَآهَا صَاحِبُ يُوسُفَ سَبْعًا وَالسّنِينَ الّتِي زَرَعُوهَا دَأَبًا سَبْعًا وَتُضَاعَفُ الصّدَقَةُ إلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ وَيَدْخُلُ الْجَنّةَ مِنْ هَذِهِ الْأُمّةِ بِغَيْرِ حِسَابٍ سَبْعُونَ أَلْفًا. فَلَا رَيْبَ أَنّ لِهَذَا الْعَدَدِ خَاصّيّةً لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ وَالسّبْعَةُ جَمَعَتْ مَعَانِيَ الْعَدَدِ كُلّهِ وَخَوَاصّهُ فَإِنّ الْعَدَدَ شَفْعٌ وَوَتْرٌ. وَالشّفْعُ أَوّلٌ وَثَانٍ. وَالْوَتْرُ كَذَلِكَ فَهَذِهِ أَرْبَعُ مَرَاتِبَ شَفْعٌ أَوّلٌ وَثَانٍ. وَوَتْرٌ أَوّلٌ وَثَانٍ وَلَا تَجْتَمِعُ هَذِهِ الْمَرَاتِبُ فِي أَقَلّ مِنْ سَبْعَةٍ وَهِيَ عَدَدٌ كَامِلٌ جَامِعٌ لِمَرَاتِبِ الْعَدَدِ الْأَرْبَعَةِ أَعْنِي الشّفْعَ وَالْوَتْرَ وَبِالثّانِي الْخَمْسَةَ وَبِالشّفْعِ الْأَوّلِ الِاثْنَيْنِ وَبِالثّانِي الْأَرْبَعَةَ وَلِلْأَطِبّاءِ اعْتِنَاءٌ عَظِيمٌ بِالسّبْعَةِ وَلَا سِيّمَا فِي الْبَحّارِينَ. وَقَدْ قَالَ بُقْرَاطُ: كُلّ شَيْءٍ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ فَهُوَ مُقَدّرٌ عَلَى سَبْعَةِ أَجْزَاءٍ وَالنّجُومُ سَبْعَةٌ وَالْأَيّامُ سَبْعَةٌ وَأَسْنَانُ النّاسِ سَبْعَةٌ أَوّلُهَا طِفْلٌ إلَى سَبْعٍ ثُمّ صَبِيّ إلَى أَرْبَعَ عَشْرَةَ ثُمّ مُرَاهِقٌ ثُمّ شَابّ ثُمّ كَهْلٌ ثُمّ شَيْخٌ ثُمّ هَرَمٌ إلَى مُنْتَهَى الْعُمُرِ وَاللّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِحِكْمَتِهِ وَشَرْعِهِ وَقَدْرِهِ فِي تَخْصِيصِ هَذَا الْعَدَدِ هَلْ هُوَ لِهَذَا الْمَعْنَى أَوْ لِغَيْرِهِ؟ وَنَفَعَ هَذَا الْعَدَدُ مِنْ هَذَا التّمْرِ مِنْ هَذَا الْبَلَدِ مِنْ هَذِهِ الْبُقْعَةِ بِعَيْنِهَا مِنْ السّمّ وَالسّحْرِ بِحَيْثُ تَمْنَعُ إصَابَتُهُ مِنْ الْخَوَاصّ الّتِي لَوْ قَالَهَا بُقْرَاطُ وجالينوس وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْأَطِبّاءِ لَتَلَقّاهَا عَنْهُمْ الْأَطِبّاءُ بِالْقَبُولِ وَالْإِذْعَانِ وَالِانْقِيَادِ مَعَ أَنّ الْقَائِلَ إنّمَا مَعَهُ الْحَدْسُ وَالتّخْمِينُ وَالظّنّ فَمَنْ كَلَامُهُ كُلّهُ يَقِينٌ وَقَطْعٌ وَبُرْهَانٌ وَوَحْيٌ أَوْلَى أَنْ تُتَلَقّى أَقْوَالُهُ بِالْقَبُولِ وَالتّسْلِيمِ وَتَرْكِ الِاعْتِرَاضِ. وَأَدْوِيَةُ السّمُومِ تَارَةً تَكُونُ بِالْكَيْفِيّةِ وَتَارَةً تَكُونُ بِالْخَاصّيّةِ كَخَوَاصّ كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْجَارِ وَالْجَوَاهِرِ وَالْيَوَاقِيتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ.